الفن الشعبي اليمني له خصوصية ونكهة تراثيه خاصه، تجسد بيئة المجتمع اليمني الضارب بجذور في التاريخ.
رقصة (البرع) بفتح الباء وفتح الراء تظل عنواناً بارزاً لعزة وشموخ ومجد وعنفوان اليماني الأصيل المعتز بهويته الوطنيه وتاريخه الأزلي.
في رقصة يرسم اليمانيون لوحة فنية تعبيرية، يلتحم فيها الراقصون مع الجمهور، في مسرح مفتوح على الهواء الطلق.
رقصة البرع من إبداعات اليمنيين النوعية، لها شفرتها الثقافية الخاصة التي لا يمكن فك طلاسمها ولم يخطئ من يعتبرالرقصات من أهم الكنوز الثقافية للمجتمعات.
و يجمع كثير من الدارسين أن أهم معاني البرع هو تعليم أبناء القبيلة أن يعملوا كمجموعة مترابطة في ظروف صعبة، فبمجرد دق ( الطاسه والمرفع)يتجمع الناس حولها ويتسابقون في تقديم مالديهم من رقصات شعبية متنوعه.
محافظة المحويت ليست بمنأى عن هذا الفن الشعبي فالبرعة المحويتية حاضرة بقوة في كل المحافل والمناسبات والتجمعات كضرورة لايمكن التنازل عنها .
فا “البْرَع” تلك الرقصة التي تدل على القوة والبأس تُؤدي جماعياً وتقتصر على الذكور وتحاكي في تنقلاتها المبارزات القتالية والتكتيك الحربي ومهارات الاصطفاف والانقضاض والكر والفر.
ورقصة البرع “هي رقصة تشتهر بها كثير من مناطق اليمن، ولا تقتصر على مدينة بعينها، فقد كانت قديماً تُستخدم كوسيلة لتوصيل خبر أو حدث ما، من خلال آلة الطاسة، وهي هنا بمثابة أسلوب نداء لتحتشد جموع الناس ويجري إعلامهم بخبر ما، مع قرع سريع متتابع على الطاسة”، ولاتقتصر البرعه على نمط واحد فهناك البرعة (المحويتيه و الصنّعَانيه والحاشديه والحرازيه والهمدانية، اولحارثية،و اليافعية،و الصعدية، والبيضانية، والعزانية، والمطرية، والسنحانية، واللحجية، والظفيرية، و الخولانية، والحيمية، والسريحية وغيرها. بل توجد في محافظات عِدة أبرزها المحويت وصنعاءوحجة وعمران وصعده وإب وتعز والضالع والمهره، وإن كان المسمى واحد (برع) فإن الطابع والمضمون يكون مغايراً بعض الشيء في الحركة أثناء تأدية الرقصة من محافظة إلى أخرى، حيث تظهر خصوصية هذه الرقصة في كل منطقة حسب العادات والتقاليد المتبعة.
حيث تتكون رقصة البرع عموماً من أربعة إيقاعات تصاعدية، حيث يختلف فيها المسمى الموسيقي للأوزان والحركات الإيقاعية من مدينة إلى أخرى”.
إذ تبدأ بقرع الطاسة وهي إناء نحاسي واسع مغطى بالجلد وكذا المرفع وهو إناء نحاسي أصغر من الطاسه وأعمق منها حيث يُصدر من الطاسه نغمات رنانة وقوية بينما تكون نغمات المرفع ثابته ، يتجمع على إثرها الراقصون بزيهم الشعبي وتلتمع الخناجر في أياديهم بأضواء الشمس، ويتسارع الإيقاع من حين إلى آخر، بينما يبدأ عدد الراقصين في التناقص إلى أن يصل إلى راقصين اثنين في طور أخير يُسمى (الهوشلية)و يخيل للمشاهد فيه أن أحدهما سيجرح الآخر من شدة التقارب وسرعة الإيقاع، وفي يد كل منهما (الجنبية) وهي الخنجر اليمني المعروف” وفي بعض الرقصات يستخدم كل راقص خنجران .
وتحكي حركة الإيقاع والراقص معا تفاصيل ما يتحلى به الرجال من اليقظة والتحدي في أوقات معينة كما تجسد قيم الإقدام وتلبية نداء الحرب وفنون القتال والقدرة على المباغتة وفي أحيان أخرى تجسد معاني الدفاع والإصرار على الثأر والصمود والسيطرة ولا يخلو كل ذلك من معان فنية.
في رقصة البرع يؤدي ضارب الطاسة والمرفع ( الطبل ) إيقاعات متعددة تبعا للرقصات المطلوبة، وهناك رقصات لها شروطها من حيث العدد والانتقالات، كما أن لكل رقصة دلالاتها ومعانيها التي تتجسد بحركة الراقص، هناك رقصات للحرب وأخرى للسلام والفرح والحزن وغير ذلك.
وتبقى البرعة فلكلور شعبي يتمسك بها اليمنيون في مناسباتهم المتنوعه ويعتبرونها رمزاً لهويتهم وثقافتهم المتوارثة ، كونها تعلم الجميع القوة والبأس والتعاون والتكاتف ، الذي يجعل من القبيلة درة مضيئة يُشار إليها بالبنان.
اترك تعليقاً