تحقيق /عارف الشماع
في كل شهر تقوم (أمينة محمد) من محافظة ريمة، في العقد الثالث من العمر، بزيارة ضريح -سيدي احمد- جوار منزل القيم في منطقة الهجرة التابعة لعزلة الرييم في مديرية مزهر، للدعاء بأن يرزقها الله إبناً أو إبنة،كونها متزوجة منذ عشرة أعوام ولم تنجب، وأن هذه الزيارات بناءً على مشورة من إحدى قريباتها والتي أكدت لها أنها كانت مثلها لاتنجب وأنها قامت بزيارة ضريح سيدي احمد في مزهر وحملت بعد زيارتها الثالثة.
تقول أمينة، بأن لها أكثر من عام تقوم بالزيارة شهرياً عدا شهر رمضان ،وأنها تأخذ من تراب الضريح وتغتسل به أسبوعياً ولم تتمكن من الحمل حتى اللحظة.
مؤكدة لمعد التحقيق أنها ستواصل الزيارة عسى الله أن يعطف عليها ويستجيب لدعواتها بالحمل والإنجاب ،كونها تخاف أن يتزوج عليها زوجها.
وعند سؤالها هل معتقدة بأن هذا الولي سينفعها، قالت أنها لا تعتقد إلا بالله فهو الضار والنافع، ولكنها تعتقد بان الولي لهذا الولي كرامات وأنه كان من الصالحين وأن الدعاء يستجاب عند قبره حد قولها.
معد التحقيق سألها أيضاً ما إذا كانت قد ذهب إلى المستشفيات للعلاج،أجابت بأنها لم تذهب لأي طبيب اوطبيبة كون تكاليف العلاج باهضة وهي لا تستطيع دفعها.
لم تكن أمينة وحدها ضحية التضليل والإشاعات، بأن علاجها سيكون بالدعاء عند قبر الولي بل هي كغيرها ممن يقعون ضحية لتضليل خاطئ بدافع الجهل اوغيره.
يقول المواطن/ عبدالله سعد من محافظة الحديدة بأنه يقوم بزيارات لعدد من أضرحة الاولياء والصالحين في المنصورية ودير عطا ،في الزيدية وبيت الفقيه سنوياً وأنه يحسُّ بروحانية عند إقامة مجالس الذكر في تلك الأماكن.
مشيراً إلى ان هناك إشاعات لخرافات يروج لها ضعاف النفوس بغرض صرف الناس عن زيارة القبور والأضرحه التي تذكر الإنسان بالآخره وتجعل الزائر يستلهم الدروس من سيرة ذلك الولي الصالح حد قوله.
معد التحقيق سأله حول ماإذا كان يقوم بدفع مبالغ مالية خلال الزيارات ولمن يسلمها، أجاب بقوله نحن نتطوع بمبالغ ماليه لمن ينظم تلك الحوليات لإقامة الولائم وإطعام الفقراء والمساكين تقرباً لله لاغير .
زيارة ضريح سيدي أحمد-مزهر-ريمة
المصدر-عبده الخضمي
يوثق هذا التحقيق، زيادة عدد الزيارات لقبور الصالحين وأضرحة الأولياء في الحديدة وريمة ،خلال الأعوام الثلاثة الماضية بعد تراجع تأثير الفكرالوهابي، بحسب شهادات موثقه ،حيث يقول الشيخ /أحمد عبدالرحيم أحد من يقوم بقراءة الموالد في تلك الحوليات، أن زيارة الأضرحة وقبور الصالحين مشروعه وأن الفكر الوهابي كان سبباً في تدمير عدداً من الأضرحه بحجج واهيه وهي أن هذه الأضرحة من الشركيات وانها بدعة ضلالة لكن الآن عادت الزيارات اقوى مما كانت عليه.
لافتاً أن هذه الأماكن تعطي الزائر جرعة من الطمأنينة والخشوع حيث تقام الموالد وجلسات الذكر والمديح والدعاء.
قائلاً ان من يشوه هذه الأماكن، هم من فئة ترى أن الدين خاص بها ،غير مدركة ان هذه الزيارات هي من أجل الذكر والدعاء وقراءة المولد لا غير.
وحول الخرافات ،قال هناك جهلاء يجب توعيتهم أثناء الزيارة بالكلمة الحسنه لا بردعهم ووصفهم بأنهم على ضلالة .
شزهب-الجبين-ريمه
المصدر-صفحة شخصية من ريمه
يطلق على الضريح في اليمن اسم القبة أو التربة وهو عبارة عن بناء مربع يتكون من غرفة واحدة تغطيها قبة تضم قبر المتوفي وقد تضم أحياناً قبور بعض أفراد أسرته وبعض الأضرحة اشتملت على قاعة للصلاة فضلاً عن فناء مكشوف وأماكن الوضوء ويوجد نوعان من الأضرحة في اليمن.
(النوع الأول) وهو عبارة عن أضرحة بنيت إما خارج أسوار المدن (زبيد- بيت الفقيه – الزيدية) أو بالقرب من بعض القرى مثل أضرح الولي طلحة الهتار في قرية التريبة شرق مدينة زبيد أو في قرى ملتصقة بمساجد والنوع الثاني عبارة عن قبة بنيت بالقرب من مسجد او منفردة داخل المدن أو القرى.
و الضريح لفظة تعنى مدفناً أو بناءً أقيم على قبر شخصية مهمة دعت مكانتها إلى تخليد ذكراها وفي العادة تعلو بناء الضريح قبة تختلف نوعاً ما عن القباب التي تغطي سقوف المنشآت الدينية كالمساجد والمدارس والأبنية المدنية
تاريخ بناء الاضرحة
يعود تاريخ أقدم ضريح في العالم الاسلامي إلى القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي وقد أقامه الخليفة العباسي المنتصر في مدينة سامراء بالعراق ويطلق عليه قبة الصليبية.
تزامن انتشار الأضرحة مع انتشار الطرق الصوفية في العالم الاسلامي في العصر السلجوقي بحسب المصادر التاريخية وبلغ تقديس الأولياء وبناء الأضرحة على قبورهم ذروته فيما بين القرنين السادس والثامن الهجريين .
وتشكل هذه الأضرحة قبلة للزوار من مختلف الأجناس والأعمار، الذين يترددون عليها إما بشكل منتظم أو في مناسبات، وذلك من أجل التبرك والتقرب والدعاء، مع ما يصاحب هذه الطقوس من خشوع وسكينة وتأثر طلبا لقضاء الأغراض وتحقيق الامنيات.
ولهذه الأسباب وغيرها، فإن البعض من هذه الأضرحة تكاد تدخل في خانة النسيان ،ولا يتم زيارتها إلا في المناسبات، في حين يتم الإقبال على أضرحة أخرى في نهاية الأسبوع وخلال الأعياد والمناسبات الدينية، فيما تشهد أخرى زيارات بشكل منتظم.
تتباين طلبات وغايات هؤلاء الزوار، فالبعض يتردد على هذه الأضرحة من أجل طلب التمتع بالصحة والعافية، أو بغرض الدعم النفسي، في حين يسعى آخرون إلى الشفاء من مرض عضال، أما زوار آخرون فيبحثون عن تحقيق أغراض ومتمنيات أخرى.
وتتوزع هذه الزيارات حسب اختصاص كل ولي، أي ما هو معروف عن دفين كل ضريح، وفي ضوء ما يتمناه كل زائر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتم التوسل والدعاء من أجل المساعدة على الإنجاب وتجاوز حالات العقم، في حين يتم التوسل في بعض الأضرحة من أجل شفاء الأطفال و إيجاد الشيء الضائع وقضاء الحوائج وغيرها من المعتقدات المنتشرة لدى العامة وهناك من الأولياء من هو قبلة للفقراء وغير المحظوظين في الحياة للدعاء والتوسل بفك كربتهم، وهناك أخرون يذهبون لأولياء بعينهم للشفاء من أمراض نفسية حسب معتقداتهم.
ولعدم توفر قواعد بيانات وابحاث ودراسات سابقة، توضح أعداد الزوار لهذه القبور والأضرحة وما يقوم به الزوار خلال زيارتهم وغيرها من الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان ولاتجد لها إجابة، لجأ معد التحقيق لعمل استبيان يدوي وإلكتروني لعينة عشوائية من سكان محافظتي الحديدة وريمة، شارك في الإجابة عنه(204)من الذكور والإناث.
حيث كشفت نتائج التحليل للبيانات أن عدد النساء اللواتي شاركن في الإستبيان ( 112)إمرأة منهن (28)إمرأة أجبن بأنهن يزرن القبور والأضرحه بصورة غير منتظمة لتصبح نسبة النساء اللواتي يزرن القبور والأضرحة 25%.
اما الرجال الذين شاركوا في الإستبيان كانوا(92) الذين أجابوا بأنهم يزورون الأضرحه(31) رجلاً أيضا لتصبح نسبة الذين يزورون القبور والأضرحة من الرجال 33,7% .
كما أوضحت نتائج التحليل أن (70٪)لا يعلمون هل الزيارة للقبور والأضرحة مشروعة أم لا، وان مانسبته (10٪) يقولون أنها مشروعة بينمامانسبته (20٪)يقولون أن هذه الزيارات غير مشروعه.
وأشارت نتائج التحليل إلى مانسبته(50٪) من الزوارلايتبرعون مالياً لدعم هذه الزيارات بينما(50٪) ممن الزوار أنهم يتبرعون مالياً لدعم هذه الزيارات ويسلمون الدعم المالي لأشخاص يديرون هذه الزيارات.
وحول ماإذا كانت هناك طقوس معينة عند الزيارة ،أجاب (80٪)من الزوار أنه توجد طقوس معينة عند الزيارة بينما أجاب (20٪)بأنه لا توجد طقوس معينة خلال زيارة القبور والأضرحة.
وحول نتائج تحليل سؤال عن الطقوس التي تمارس أثناء الزيارات (تقبيل-تبرك-دعاء-تمسح بالتراب-قراءة مولد-توزيع صدقه) ،أجاب الزوار المشاركين في الإستبيان
بمانسبته(20٪)يقبلون الأضرحة بينما اجاب بنفس النسبة السابقة بانهم يقومون بالتبرك بتلك الأضرحة واجاب (60٪)بانهم يقومون بالدعاء واجاب(10٪)بأنهم يقومون بالتمسح بالتراب وأجاب(50%)بانهم يقومون بقراءة المولد والذكر والصدقة لا غير.
أشهر الأولياء في الحديده
وعن اشهر اماكن زيارة القبور والاضرحة في الحديدة كانت الإجابات بمايلي:
١–الولي احمد مقبول الأهدل في الدريهمي.
٢-الولي الشريف في المنقم بالقرب من الدريهمي.
٣-الوليان البجلي والحكمي في عواجه بالسخنة.
٤-الولي عبدالرحيم البرعي في النيابتين -برع.
٥-الفقية ابن عجيل -بيت الفقيه.
٦-الولي الحضرمي في الضحي.
٧-الولي الغوث بن جميل في ديرعطا بالزيدية.
٨-الولي الزيلعي في اللحية.
9-الولي الاهدل في المراوعه.
10-الولي احمد الفاز في الفازة.
أشهر أولياء محافظة ريمة
وعن أشهر اماكن القبور والأضرحة في محافظة ريمه كانت الاجابات بما يلي:
١-سيدي احمد في مديرية مزهر.
٢-السيد المساوي في الجعفرية.
٣-شهاب الدين الدروبي في كسمه.
٤-الولي النهاري في رباط النهاري نسبة إليه.
٥-الولي الجلاني في الجبين.
٦-الولي ابوبكر الريمي في بلاد الطعام.
٧-الولي الحسني في الجعفرية.
٨-الولي الحداد في شزهب خضم.
يقول محمد الواقدي من ابناء محافظة ريمه ان اضرحة الأولياء والمساجد التي تكون بقربها كانت سابقاً زوايا لنشر العلم الشرعي، سيما الفقه والنحو لكنها الآن لم تعد تلعب الدور الذي أنشأت من أجله،و لم تعد تنشر العلم بل تحول بعضها إلى مزارات سنوية يقام فيها الولائم والموالد وفي بعضها يطعم الطعام للفقراء والزوار على حد سواء.
مشيراً إلى أن بعض الزوايا او الأضرحة وهي قليلة جداً تحولت إلى أوكار للنصب والاحتيال على الزوار، فيبتاعون التمائم للحصول على زوج أو شغل اوعلاج، أو إدعاء أن ريق المنتميين إليها اوتراب الضريح فيه بركة وشفاء.
ضريح الوليان الحكمي والبجلي-عواجة-محافظة الحديدة
المصدر-محمد الفقيه
وعن الدعم المالي والعيني للأضرحة ومن يديرها يقول/ محمد قيم من مديرية الضحي في الحديدة أن من يدير الاضرحة هم من مشائخ الطريقة الصوفية وان عملهم تطوعي وعليهم تقع مسؤولية تنظيم الزيارة، وبالنسبة للتبرعات فهي تجمع من المتطوعين من الزوار بطريقة غير منظمة، وتشكل لجان تنظيم من الزوار والمحبين حسب قوله، ويتم صرف التبرعات في توفير الأكل والشرب وأحيانا القات والبقية توزع كصدقات على أهالي المنطقة، وهناك من تجار الحديدة من يدعم هذه الزيارات ويتكفلون بكل متطلبات الزيارة
أما أحمد السعيدي من الجعفرية بمحافظة ريمه فيقول ان هناك من أقارب الولي يقومون باستقبال التبرعات والهبات وهم قله والأغلب هم مشائخ الدين الذين ينظمون كل شيئ .
مشيراً إلى ان الزيارات والدعم المالي والعيني عشوائي ولاتوجد أي إدارة وإنما هناك لجان مؤقته يتم تشكيلها لتنظيم وصرف التبرعات على الزوار وتنتهي بإنتهاء الزيارة.
ياجلاني رد لي ضائعتي
ومن خلال بحث معد التحقيق حول مصادر صحفيه في هذا الجانب لم نجد سوى مادة نشرت في موقع ريمه بوست بدأت بقصة لإمرأة سبعينية كانت تذهب لزيارة قبر الولي الجلاني قبيل المغرب بساعه متى ما ضاع منها شيئ من أغراضها او مدخراتها وتضع شمعة اومبخرة على القبر في كوة مخصصة لذلك مرددة (هذه شمعه وبخور ياجلاني.. رد لي ضائعتي)… إلخ ما ورد في المادة الصحفية .
حاول معد التحقيق التواصل مع الدكتور والباحث في السياحة والآثار /محمد علي العروسي واتصلنا به هاتفيا وسألناه حول التضليل الذي يمارس عند زيارة قبور الصالحين وأضرحة الأولياء ولكنه أجاب أنه لا يملك معلومات في هذا الجانب وان ابحاثه تركز على المجال التاريخي والسياحي للأعلام والأماكن.
-ينشر هذا التحقيق بالتعاون مع منصة الخيط الأبيض-
اترك تعليقاً